الأحد، 7 ديسمبر 2014

أحكام الشريعة "الأحكام ومتعلقاتها وأحكامها" ج1


الأحكام ومتعلقاتها وأحكامها
تعريف الحكم الشرعي
الحكم لغة: هو القضاء مطلقا أو القضاء بالعدل خاصة ، وللحكم الشرعى إصطلاحات ثلاثة: اصطلاح المتكلمين وإصطلاح الفقهاء وإصطلاح الأصوليين والذى يعنينا من هذه الثلاثة هو: إصطلاح الأصوليين.
فجمهور الأصوليين – غير الحنفية – عرفوه بأنه " خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالإقتضاء أو التخيير وقد زاد بعضهم لفظ "أو الوضع" "
وأما الحنفية فعرفوه بأنه " ما ثبت بكلام الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الإقتضاء أو التخيير أو الوضع".
شرح تعريف الجمهور:
الخطاب: مصدر خاطب ، ويطلق الخطاب فى عرف الأصوليين على الكلام الذى خوطب الغير به سواء كان قولا لسانياً أم كلام نفسياً.
والمراد "بخطاب الله تعالى" هو كلامه النفسى الأزلى المرتب ترتيباً لا تعاقب فيه ولا إنقضاء لأنه هو الذى يطلق عليه كلمة الحكم.
ولما كان الكلام النفسى خفياً على المكلفين لا إطلاع لهم عليه لأنه صفة من صفات الله تعالى أقام الشارع ما يوصلهم إليه ويعرفهم به وهو الكتاب والسنة وغيرهم من الأدلة مقامة.
وبإضافة الخطاب إلى "الله تعالى" خرج خطاب من سواه من الملائكة والجن والرسل وسائر البشر فليست خطاباتهم من الأحكام إذ لا حكم إلا لله والمراد "بالمتعلق المرتبط.
وبالأفعال جمع فعل والمراد به " أى شئ تتعلق به قدرة المكلف – فيشمل الأفعال القلبية كالإعتقاد والكف عن المحرم والنية والأفعال القولية كقراءة الفاتحة فى الصلاة وتحريم الغيبة وفعل سائر الجوارح كالقيام والركوع.
والمكلفين جمع مكلف هو البالغ العاقل الذى بلغته الدعوة ولم يوجد به مانع من تعلق الخطاب به كالغفلة والإكراه.
ويخرج بقيد "أفعال المكلفين: خطاب الله تعالى: " المتعلق بذاته وصفاته كمدلول قوله تعالى: "أشهد الله إنه لا إله إلا هو"
والمراد بالاقتضاء الطلب مطلقاً سواء أكان طلب فعل أم طلب ترك والمراد بالتخبير والتسوية بين الفعل والترك من غير ترجيح لأحدهما على الآخر فهو "الإباحة".
وكلمة "أو" الواردة فى التعريف ليست للشك والتردد وإنما وضع "أو" فى التعريف لتقسيم الحكم وتنويعه.
وخرج بالإقتضاء أو الخبير أو الخطاب المتعلق بفعل المكلف على جهة للخبر مثل قوله تعالى:" وهم من بعد غلبهم سيغلبون"
اعتراضات وردت على التعريف:
لم يسلم هذا التعريف من الإعتراضات فقد روت عليه اعتراضات كثيرة نكتفى هنا بذكر ما هو جدير بالذكر.
1- الإعتراض الأول: اعتراض على تعريف الحكم الأصولى المتقدم:
بأنه يستلزم الدور أى لا يعرف الحكم الشرعى إلا بعد معرفة المكلف ولا يعرف المكلف إلا بعد معرفة الحكم الشرعى.
والجواب عنه: بانه ليس المراد "بالمكلف" حقيقته حتى يلزم الدور وإنما أريد منه كل بالغ عاقل.
2- الإعتراض الثانى: اعترض على هذا التعريف أيضاً بأنه غير جامع لجميع أفراد الحكم فإن تقييد تعلق الخطاب بأفعال المكلفين خاصة قد أخرج الأحكام التكليفية التى تعلقت بفعل الصبى فإنه يثاب على صلاته وصومه وإثابته عليهما تقتضى أنهما عبادة قد أمر الشارع بها.
وقد أجاب الجلال المحلى على ذلك: بأن إثابته على الصلاة وغيرها مما شاكلها لا لأنه مأموريها بل ليعتادها فلا يتكرها عن التكليف.
3- الإعتراض الثالث: وقد أعترض المعتزلة على هذا التعريف: بأنه تعريف بالمباين لأنه تعريف للحكم الذى هو أمر حادث بالخطاب الذى هو أمر قديم.

وقد أجاب الإمام الرازى واتباعه: بعدم تسليم دعوى حديث الحكم بل هو قديم كالخطاب.
siege auto

0 التعليقات

إرسال تعليق