الأربعاء، 14 مارس 2018

نشأة وتطور الاتيكيت

نشأة وتطور "مصطلح" الاتيكيت

       إن آداب السلوك قديمة قدم التاريخ قد نشأت مع نشأة الحضارة ووجهت نشاط الشعوب المتقدمة علي مراحل التاريخ من كل نواحي وجوانب التراث البشري الحضاري ولعب كل شعب دورا مهما في ذلك (موريس شربل , 1995) ويعتبر أول مرشد في آداب السلوك كتبه "تباح حوتب" وهو احد الحكام في مصر القديمة تحت مسمي "إرشادات تباح حوتب" ويرجع تاريخه إلي سنة 2400 قبل الميلاد (رشا غانم , 1999).
فكلما كان للمصريين والسومريين القدامى آداب معينة في تصرفاتهم كذلك كان لليونانيين والرومان والعرب والشعوب  الإسلامية وشعوب القرون الوسطي آداب معينة في تصرفاتهم وهكذا شعوب النهضة الحديثة المعاصرة. (موريس شريل , 1995).
وان أنواع السلوك عامة التي تسود المجتمعات الراقية والتي يستطيع كل إنسان أن يكتسبها بالتعلم هي ما أطلق عليها الفرنسيون كلمة "اتيكيت" "Etiquette" وهي كلمة فرنسية تعني "بطاقة" توضح سير برنامج الحفلة أو الاحتفال المدعو إليه الشخص.
وان كثير من القواعد الرسمية يرجه نشاها إلي البلاط الملكي الفرنسي أثناء القرن السادس عشر والسابع عشر حيث وضع الملك لويس السادس عشر قائمة بكل الأعمال اليومية موضحا بها الوقت والمكان ونوع الزى المناسب وقد صنفت تحت مسمي "اتيكيت". (Multimedia , 1997).
ومن الطريف أن أول من بدا في تطبيق فن الاتيكيت هو بستاني (جنايني) فرنسي في عهد الملك لويس السادس عشر فحينما كان يعمل بالحديقة كان يضج من نوافذ زوار الملك – بدون انتظام بحديقة القصر لهذا فقد فكر في تصميم بطاقة لتنظيم الوفد الزوار وعرضها علي الملك فوافق وأمر باستخدامها (سيد حسن السيد , 2002).
ثم نقلت الدول الأخرى قواعد السلوك هذه إلي بلادهم في الوقت نفسه نقلت الطبقات العليا في كل المجتمعات الغربية هذه القواعد فالاتيكيت اليوم مبني علي أساس الجس الشخصي والتفكير في الآخرين.
ويبين كمال محمد علي (2000) أن الإسلام قد سبق كافة الدول الغربية بمئات السنين تقريره لقواعد الاتيكيت والبرتوكول كما حث المسلمين علي الالتزام بهذه القواعد كضرورة حضارية تهدف إلي حسن معاملة الناس والارتفاع بمستوي العلاقات الإنسانية إلي مكانه رفيعة علي النحو الذي يحقق السلام الاجتماعي وان تلك القيم والأخلاقيات الإسلامية التي يأمرنا بها الدين السمح ويحثنا علي العمل بها ليست مجرد تعاليم ولا فلسفات جوفاء وكنها نماذج عملية تجسدت في سلوك النبي (ص).
كما تضمنت السنة النبوية الشريفة العديد من قواعد الاتيكيت وآداب السلوك الاجتماعي من ذلك ما في الحديث الشريف "إياكم والجلوس في الطرقات , فإذا أبيتم إلي المجلس فأعطوا الطريق حقه , قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال غض البصر وكف والاذي ورد السلام"
"ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش البذئ".
"من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت".
"الكلمة الطيبة الصدقة"
"رحم الله عبدا قال خيرا فغنم أو سكت فسلم"
هذا قليل من كثرا ذكر في الكتب السماوية.
ويشير جمال الدين رفعت إلي أن المسلمين عرفوا آداب المجتمع منذ ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي في حين أن الأوربيين لم يبدءوا في العمل بأصول الاتيكيبت إلا في أواخر القرن السابع عشر في بلاط لويس السادس عشر ملك فرنسا.
الاتيكيت وان كانت كلمة فرنسية الأصل إلا انه ينجم مع تعاليم ديننا الإسلامي فهو ليس بدعه أوروبية ولكنه أسلوب تصرف يراعي الآداب والأخلاق. (كمال محمد علي , 2000).
ويوضح ايمن أبو الروس (2001) أن المسلمين اهتموا منذ ظهور الإسلام برعاية الآداب والتحلي بها وهل أدل علي ذلك من أن "الإمام البخاري" خصص كتابا من "تسعة أجزاء "سماه "الأدب المفرد" يشمل آداب الحياة.
لذا فالإسلام قد رسم للناس قواعد العمل الصالح الذي ينبغي أن يسيروا عليه ومرجع المسلمين في ذلك هو القران الكريم أولا ثم السنة. (احمد الاهواني , 1968).
وتؤكد سامية محمد علي وآخرون (1983) علي أن الاتيكيت الغربي في الطعام هو خدعة كبيرة فهو أما مسروق من التقاليد الإسلامية وإما لا يرقي إلي مستوي بديلة الإسلامي.
وتري رشا غانم (1999) انه يمكن إرجاع ابتعاد المجتمع عن آداب السلوك وانتشار المظاهر غير الحضارية به إلي الابتعاد عن القيم الدينية والجري وراء الحياة المادية بكل وسيلة.
ويرجع مصطفي الخشاب سبب المشكلات الأخلاقية التي تعانيها الأسرة المصرية إلي انخفاض معايير الذوق العام ومستويات الجمال مما يؤثر في القيم الأخلاقية التي تدين بها الأسرة وهذه الظاهرة نتيجة عوامل متعددة منها الجهل وعدم تقدير قيمة الحياة الزوجية وانخفاض مستويات المعيشة والبيئة التي تحيط بالأسرة ومبلغ ثقافتها واستعدادها للتطور والتكيف.
وان كثيرا من القيم والمبادئ والسمات والسلوكيات الأخلاقية الأصلية التي كانت ضاربة جذورها في أعماق الشخص المصري عبر العصور قد اعتراها بعض التغيير وأصابها الذبول واحتواها الضعف والهزل بل المرض والتشيخ وطغت عليها العادات الوافدة والترعات المستوردة.
وهذا تري الباحثة أن الإسلام قد سبق كافة الدول الغربية وحث المسلمين علي الالتزام بقواعد الاتيكيت وآداب السلوك كما سبق توضيحه في كثير من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
الاتيكيت , مفهومه ومعناه:
كما يتنوع كلمة اتيكيت في القواميس والمراجع تتنوع أيضا في مفهومها العام لدي الناس وفي كلتا الحالتين تري الكلمة بمعان كثيرة تكاد تتقارب مع بعضها البعض ومنها:
الذوق العام والذوق الاجتماعي – قواعد السلوك وآدابه – قواعد التشريفات وآداب الرسميات – الأصول واللياقة – فن المجاملة الخصال الحميدة – الكياسة والمرعبات – بطاقة عنوان أو التذكرة الصغيرة – فن التصرف في المواقف الحرجة. (محمد غيث , 1979).
بعض المبادئ العامة للسلوك:
لا بد من تحديد بعض المقومات السلوكية نظرا لتقاربهما من بعضها وهي عديدة يذكر منوال يونس (1992) أهمها هي:
بعض المبادئ العامة للسلوك
أ- الكياسة: وهي مجموع واجباتنا نحو الآخرين , وكيفية أدائها بشكل لائق لأنها من الفضائل الأساسية التي تعبر بصدق عن صفات القلب الذي يخفق بين حنايا الإنسان.
ب- آداب السلوك: وعي القواعد السلوكية التي يجب التزامها في بعض مظاهر الحياة الاجتماعية ويبدأ بتهذيب العقل والقلب وهما موطن الإحساس الأول , ويتم اكتسابه بهذا الإحساس الشخصي أولا ثم بما يكتسبه من أسرته وبيئته أو نتيجة تجاربه الخاصة في الحياة من هنا نؤكد أن الخبرة الشخصية الواعية مع بعض المطالعات اضمن دليل إلي السلوك الصحيح , وهذا ما ينبغي تعليمه في المدارس لأنه يحرر الإنسان من شعور خفي بالنقص في علاقاته مع الناس كالحيرة والقلق والحجل وغيرها (ايمن أبو الروس , 2001).
ج- العادات: وهي ممارسات تسيطر علي تصرفاتنا وسلوكنا تبعا للزمان والمكان والظروف الاجتماعية , وقد تشمل الزى والعرف وما شابه ذلك فالإنسان الذي لا يعرف هذه العادات يعذره المجتمع لكنه لا يعذره في كل الأوقات وفي أمور أخري عديدة.
د- الصداقة: هي علاقة ومودة بين الأشخاص التي تقوم علي الاختبار والتفضيل منشؤها التعاطف والمشاركة في الميول وأساسها المساواة وتعززها الألفة والمخالطة والمعاشرة يقول ابن المقفع "إن من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقا" والصديق سند هام في مسالك الحياة فهو يساعد صديقة علي أداء السلوك الجيد , ويغلظ له الكلام إذا ساء أن الصداقة تحتم التوازن في المشاعر والسلوك ومن ثم التهذيب وحسن الاستقبال.

لذلك فان الأخذ بالسلوك اللائق ولتصرف المناسب يجمل صورتنا أمام الآخرين ويقوي روابط الألفة والمودة بيننا , فالسلوك المهذب الراقي سيظل إلي الابد هو عنوان الرجل المتحضر والمرأة العصرية بصرف النظر عما نملكه أو نقتنيه. (ايمن أبو الروس . 2001).
siege auto

0 التعليقات

إرسال تعليق