الجمعة، 5 ديسمبر 2014

التحذير من الزنا


 التحذير من الزنا 
والزواج حصن واقى بين العبد وبين الوقوع فى الزنا ، وهو من أعظم الكبائر ، وقد حذر تعالى من الزنا ومفسدته ، فإنه "لما كانت مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهى منافية لمصلحة نظام العالم فى حفظ الأنساب وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقى ما يوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس من إفساد كل منهم امرأة صاحبه وبنته وأخته وأمه ، وفى ذلك خراب العالم كانت تلى مفسدة القتل فى الكبر ولهذا قرنها الله سبحانه بها فى كتابه ورسوله r فى سننه كما تقدم ، قال الإمام أحمد : ولا أعلم بعد قتل النفس شيئاً أعظم من الزناء ، وقد أكد سبحانه حرمته بقوله : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) (الفرقان : 68) الآية ، فقرن الزناء بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود فى النار فى العذاب المضاعف المهين ما لم يرفع العبد وجبَ ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح .
وقد قال تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) (الإسراء : 32) فأخبر عن فحشه فى نفسه  وهو القبيح الذى قد تناهى قبحه حتى استقر فحشه فى العقول حتى عند كثير من الحيوانات كما ذكر البخارى فى صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودى قال : "رأيت فى الجاهلية قرداً زنا بقردة فأجتمع القرود عليهما فرجموها حتى ماتا" (1) ، ثم أخبر عن غايته بأنه ساء سبيلاً فأنه سبيل هلكة وبوار وافتقار فى الدنيا وسبيل عذاب فى الآخرة وخزى ونكال ولما كان نكاح أزواج الآباء من أقبحه خصه بمزيد ذم فقال أنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا وعلق سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل له إلى الفلاح بدونه فقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ  الَّذِينَ هُمْ فى صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) إلى قوله : (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون : 1-7) وهذا يتضمن ثلاثة أمور من لم يحفظ فرجه يكن من المفلحين وأنه من الملومين ومن العادين ففاته الفلاح واستحق اسم العدوان ووقع فى اللوم فمقاساة ألم الشهوة ومعاناتها أيشر من بعض ذلك ونظير هذا أنه ذم الإنسان وأنه خلق هلوعاً لا يصبر على شر ولا خير بل إذا مسه الخير منع وبخل وإذا مسه الشر جزع إلا من استثناه بعد ذلك من الناجين من خلقه فذكر منهم : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون : 5-7) وأمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج فإن الحوادث مبدأها من النظر كما أن معظم النار مبدأها من مستصغر الشرر ثم تكون نظرة ثم تكون خطرة ثم خطوة ثم خطيئة ، ولهذا قيل : من حفظ هذه الأربعة أحرز   دينه : اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات ، فينبغى للعبد أن يكون بواب نفسه على هذه الأبواب الأربعة ويلازم الرباط على ثغورها فمنها يدخل عليه العدو فيجوس خلال الديار ويتبر ما علوا تتبيراً  (1) .
فالزواج هو الدرع والوجاء بين العبد وبين الوقوع فى الزنا والعياذ بالله تعالى ، والزواج أحد السبل التى تعين على شرع الله تعالى كما قال تعالى : (هُوَ الذى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) (الأعراف : 189) ، وقال : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم : 21) .




(1) أخرجه البخارى ، قلت : وهذا هو حال القردة ، فما بال أقوام لم بتساوى بالقردة ، ومات فيهم الحس الدينى والغيرة على أعراضهم ، وكفاهم تقليد أخوان القردة والخنازير . فلا حول ولا قوة إلا بالله .
(1) انظر : الجواب الكافى لابن القيم (1\105) .
siege auto

0 التعليقات

إرسال تعليق