الأربعاء، 14 مارس 2018

رعاية الجنين



رعايةالجنين

تهمل الكثير من النسوة الحوامل - سهواً أو عمداً - صحتهن دون الإلتفات إلى المخاطر التي تحيط بالطفل،
 أثناء وجوده جنيناً في الرحم أو تؤثر فيه بعدما يصبح طفلاً ويخرج إلى عالم الدنيا.
والجنين وديعة الله لدى الأم، ينبغي أن ترعاه وتحميه من خلال رعاية نفسها والإهتمام بغذائها وصحتها
خصوصاً إذا كانت مريضة أثناء فترة الحمل أو بعدها، والاستشارة الدورية للأطباء ، لأن بعض العوامل أو
 الأمراض تؤدي إلى موت الجنين أو تشوهه. (عبد المجيد سيد أحمد ،2003).
وبالرغم من أن بعض العوامل التي تؤثر في صحة الطفل أو الجنين، خارج عن إرادة المرأة، كالعوامل
البيئية والوراثية لكن المرأة مسؤولة عن الأمور التي من شأنها أن يأتي الطفل سليماً معافاً، وذلك بإتباع
الأنظمة الخاصة والرعاية الدائمة(عبد المجيد سيد أحمد ،2003).
العوامل المؤثرة على نمو وتطور الجنين
أثبتت دراسات علم الأجنة وعلم النفس أن عوامل الوراثة ذات أثر كبير فى مرحلة ما قبل الميلاد، وكذلك العوامل البيئية المحيطة بالجنين وهو فى الرحم.
العوامل الوراثية:
عرفنا أن وراثة الطفل تتحدد نهائياً عند لحظة الإخصاب، أى عند اتحاد الحيوان المنوي الذكرى بالبويضة الأنثوية. فكروموزومات الأب الثلاثة والعشرون كروموزومات الأم المماثلة لها فى العدد، بما تحمله من جينات تكون وتحدث وراثة الطفل الكاملة. (عبد المجيد سيد أحمد ،2003).
وبالإضافة إلى السابق ذكرهعن أثر الوراثة فى النمو بصفة عامة، نلفت النظر إلى الدراسات والبحوث العديدة حول نتائج الوراثة خاصة فى النواحي الجسمية والنواحي الفسيولوجية، والنواحي التشريحية، وسن ظهور علامات البلوغ، وطول العمر، والقدرة الحركية، وأوجه القصور الجسمي،وبعض الأمراض، والتأخر العقلي، والذكاء ، والشخصية بوجه عام. ويهمنا أن نشير هنا إلى بعض النواحي، التى تتحدد كلية عن طريق الوراثة.
وأهم ما يتحدد بالوراثة جنس الطفل (ذكر أم أنثي) ، فمن بين الثلاثة والعشرين زوجا من الكروموزومات التى توجد فى البويضة الملقحة، فنجد أن 22 زوجاً تتشابه لدي الرجل والمرأة وتسمي الكروموزومات الذاتية، ولكن الزوج الثالث والعشرين يختلف عند الأثنين. ويشار إلى هذا الزوج بحرفي س أو x ، ص أو Y وتسمي الكرموزومات الجنسية، أما الأزواج الباقية فيشار إليها بالحروف الاخري. وبخصوص كروموزماتللجنس، نجد أن بويضة الأنثي تحوي دائماً كروموزومات كلها من نوع س أو x فقط ، أما نصف الحيوانات المنوية الذكرية – التي تعد بالملايين – فتحمل كروموزومات من نوع س أو X أو النصف الآخر من نوع ص أو Y ، أي أن بويضة الأنثي تحتوي دائماً على 22+ X كروموزوما. وعند اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة ينتج أنثي إذا كان هذا الحيوان المنوي يحمل كروموزوما من نوع س أو Xوينتج ذكرا، إذا كان هذا الحيوان المنوي يحمل كروموزوما من نوع ص أو Y ، أى أن الجنس صفة تورث عن طريق الأب، وليس عن طريق الأم.
ومن النواحي الظاهرة التى تتحدد بالوراثة لون العينين (بني أو أزرق ... إلخ) ، ولون الشعر (أسود أو أشقر ..الخ) ونوع الشعر (ناعم أو مجعد .. إلخ)، ومظهر الوجه (شكل وحجم الأنف والفم والشفتين ..الخ). وشكل وحجم الجسم (طويل أو قصير ، بدين أو نحيف ... الخ). وغير ذلك من مظاهر يجب الرجوع إليها فى كتب الوراثة (جولد شميدت 1963).
وهناك بعض الأمراض التى ثبت أنها تنقل بالوراثة، مثل: مرض السكري ، وبعض أنماط التأخر العقلي مثل العته العائلي المظلم ، الذى ينشأ عن عيب وراثي غريب فى الخلايا العصبية فى المخ والنخاع الشوكي ، حيث تنتفخ الخلايا وتتورم وتمتلئ بالدهن مما يؤدي إلى العمي والشلل والتأخر العقلي.
ويؤكد علماء الوراثة خطورة الاختلاف بين نوع دم الأم ودم الجنين ، من حيث العامل الريزيسيوهو أحد مكونات الدم ويتحدد وراثياً. فإذا كان العامل الريزيسي عند كل من الأم والأب سالباً أو موجباً فلا توجد مشكلة. أما إذا كان العامل الريزيسي عند الأم سالبا (Rh-)وعدد الجنين موجبا (Rh+) بوراثة هذا العامل من أبيه، فإن ذلك يؤدي إلي تكوين أجسام مضادة، واضطراب فى توزيع الأوكسجين، وعدم نضج خلاياالدم وتدمير كرات الدم الحمراء عند الجنين، وبالتالي يؤثر هذا فى تكوين المخ؛ مما قد ينتج عنه تلف المخ والتأخر العقلي، وربما موت الجنين والإجهاض أو موته بعد ولادته بقليل. وإذا تم تشخيص هذا الإضطراب مبكراً ، وتم علاجه خلال الأسابيع الستة الأولي من حياة الطفل عن طريق نقل الدم المخالف من حيث العامل الريزيسي كاملاً من وإلى الطفل، يكون الأمل فى الشفاء كبيراً. ولأغراض الوقاية، ينصح المقبلون على الزواج بمعرفة نوع العامل الريزيسي عند الطرفين (بويد مكندليس McCandless 1967).
كذلك يعتقد علماء الوراثة أن الأضطرابات الوراثية تلعب دوراً كبيراً فى انتاج مرض داون وهو نوع كلينيكي من التأخر العقلي ، يعرف باسم المنغولية ، ويتميز بخصائص جسمية واضحة تشبه ملامح الجنس المغولي ويصحبه بله أو عته. ونسبة حدوثه حوالي حالة واحدة فى كل ألف حالة ولادة. وتحدث هذه الحالة بتكرار أكبر عدد من الأمهات الأكبر سناً عند الحمل (بين 35 – 45 سنة بمتوسط 41 سنة عند الولادة) ، وتزداد النسبة كلما كان حمل الأم وهي قرب سن القعود. والسبب المرجح لحدوث هذه الحالة شذوذ توزيع الكروموزومات فى شكل وجود كروموزوم جنسي زائد من نوع Y ؛ نتيجة لإضطراب تكويني فى البويضة (الطفل العادي يكون لديه 46 كروموزوما والطفل المنغولي 47 كروموزوما والكروموزوم الزائد مع الزوج رقم 21 ويسمي Trisomy 21
العوامل البيئية:
كل ما يؤثر فى تشكيل الجنين بعد عملية الإخصاب يصدر عن البيئة ؛ أي ما يحيط بالجنين ، فالبويضة المخصبة تنمو وتنقسم فى بيئة الرحم طوال شهور العمل ، وهنا يلاحظ أن بيئة الرحم قد تغير مسار النمو ، الذى تحدد بواسطة الجينات. إلا أنه يلاحظ أيضاً أن بيئة الرحم أبسط بكثير من البيئة الخارجية المعقدة، التي ينتقل إليها الجنين بعد الميلاد.
وإذا كانت العوامل الوراثية والعوامل البيئة سليمة، أنتج ذلك طفلاً صحيحاً سوياً. وإذا توافر الغذاء الجيد الكامل للام، ولم تتعرض لأمراض معدية، ولم تتعرض للإشعاع، ولم تتناول من العقاقير ما يؤثر عليها وعلىالجنين، وإذا كانت حالتها النفسية مستقرة، وإذا كان عمرها ملائما، واتجاهاتها نحو الحمل سليمة، ولا توجد اضطرابات فى الحمل والوضع، إذا توافر هذا، فإنه يؤدي إلى ولادة طفل صحيح سوي.
ومعروف أن أثر العوامل البيئية لا يحدث تغييرا أصلياً فى جوهر الخلايا ، وينتقل بالوراثة للاجيال التالية.
وكثير من الإضطرابات والأمراض التي يولد بها الطفل ليست وراثية ، ولكن الطفل أصيب بها ، وهو جنين فى بطن أمه ثم ولد بها ؛ أي أنها ولادية وليست وراثية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن دراسات عديدة تشير إلى أن الجنين ، وهو فى الرحم يتأثر ببعض العوامل البيئية الخارجية مثل الموسيقي حيث تزداد حركته بشكل ملحوظ ، كما تقرر ذلك الأمهات الحوامل.
وقد تكون العوامل البيئية ذات أثر كيميائي أو بكتيريولوجي أو ميكانيكي ، وقد تكون عوامل جسمية أو نفسية أو اجتماعية.(حامد زهران ،2005).
ويتوقف مدي تأثير العوامل المؤثرة فى نمو الجنين على شدتها واستمرارها وعمر الجنين ، حين يتعرض لهذه المؤثرات.


وفيما يلي أهم العوامل البيئية التى تؤثر فى الجنين:
غذاء الأم: يجب أن يكون غذاء الأم الحامل كاملاً متنوعاً كافياً ؛ حرصا على صحتها أثناء الحمل وضماناً لصحة الجنين ، ونحن نعلم أن غذاء الجنين مصدره الأم. وتدل البحوث على أن نقص غذاء الأم ؛ خاصة نقص البروتين وعدم اتزانه ونقص الفيتامينات – خاصة فيتامين "ب" المركب يؤدي إلى تعب الأم الحامل ، وإلى نقص جسمي لدي الجنين مثل فقر الدم أو الهزال ، ويؤدي إلى تأثر الجهاز العصبي والتأخر العقلي والإضطرابات النفسية والتعرض للامراَض. وقد لوحظ أن نقص وزن الأم الشديد ؛ نتيجة لسوء التغذية مع بداية الحمل وأثناء الحمل قد يؤثر تأثيراً سيئاً على نمو الجنين ؛ وقد يحدث الإخداج (أى الولادة المبكرة) وقد يصل الحال إلى الإجهاض.
النظافة العامة للأم: يجب اهتمام الأم الحامل بالنظافة العامة ، ويتضمن ذلك الإستحمام ونظافة الجهاز التناسلي والإعتناء بالثدي ، مع نظافة الفم والأسنان. (كريمان بدير ، 2004).
المرض: يتأثر نمو الجنين تأثراً خطيراً إذا تعرض للإصابة بالعدوي بمرض خطير يصيب الأم وهي حامل، ونحن نعلم أن المرض يؤثر فى عملية الأيض (تمثيل الغذاء) و التركيب الكيمائي للدم وغير ذلك ؛ مما قد يؤثر فى نمو الجنين. ومن امثلة ذلك الزهري الذى قد يؤدي إلى التأخر العقلي أو الصمم أو العمي ، والحصبة الألمانية التى قد تؤدي إلى الصمم أو البكم أو إصابات القلب أو التأخر العقلي ، وبالطبع تكون الإصابة أخطر كلما حدثت العدوي الفيروسية خلال الشهرين الأولين من الحمل ، كذلك، فإن اضطرابات إفرازات الغدد (خاصة النخامية والكظرية والدرقية) يعوق النمو العام للجنين. وقد لوحظ أيضاً أن الإرهاق والتعب الشديد يزيد من حركة الجنين فى الرحم. ولهذا يجب على الأم الحامل أن تستشير طبيبها مرة كل شهر من بداية الحمل حتى نهاية الشهر السابع، ثم مرة كل أسبوع حتى الولادة ، مهما كان ظاهره سليما.
التعرض للإشعاع: وتدل الدراسات على أن تعرض حوض وبطن الأم الحامل للأشعة السينية (أشعة X) بجرعات كبيرة يؤذي الجنين ، ويؤثر على الجهاز العصبي ، ويؤدي إلى التأخر العقلي أو التشوه الجسمي ، ويؤدي إلى الإجهاض.
العقاقير:يتأثر نمو الجنين بإفراط الأم الحامل فى تعاطي العقاقير الطبية (مثل الباربيتيورات) وإدمان الخمر ، مما يحدث تغيرا كيميائيا فى الدم ، ويعرض سرعة نمو الجنين للتأخر لتأثيرها فى غذائه وتنفسه. وتدل بعض البحوث على أن إدمان المخدرات وإفراط آلام الحامل فى التدخين له اثر سئ على نمو الجنين.
الحالة النفسية للام: تشير معظم البحوث الطبية والنفسية إلي أن الحمل حالة، تكون فيها المرأة مختلفة فسيولوجيا ونفسيا عن حالتها قبل الحمل وبعده. ويرجع ذلك إلى التغيرات الهورمونية لديها، كذلك فإن الحمل تتخلله تغيرات إنفعالية ، منها: التوتر والإكتئاب والقلق والأرق والوحم والتقلبات المزاجية (هلاري ليبس 1985). ومعروف أن الجنين يحتاج إلى أن تصل إليه مؤثرات جسمية وانفعالية صحية عن طريق الأم. وتؤثر الحالة النفسية للام بطريق غير مباشر على نمو الجنين ؛ فالخوف والغضب والتوتر والقلق عند الأم يستثير الجهاز العصبي الذاتي ، وينعكس أثر ذلك فى النواحي الفسيولوجية ؛ مما يؤدي إلى اضطراب إفراز الغدد وتغيير التركيب الكيميائيللدم ، مما يؤثر بدوره على نمو الجنين.
ويلاحظ أن شعور الأم الحامل بالخوف الشديد أو بالغضب والتوتر تصاحبه زيادة فى حركة الجنين ويؤثر التقلب المزاجي والقلق والإكتئاب لدي الأم الحامل على ضربات قلب الجنين ، ويلاحظ أيضاً أن القلق والتوتر الشديد قد يؤديا إلى مخاض أصعب واطول. وربما تؤدي الحالة النفسية المضطربة للام الحامل إلى تعرض طفلها – أكثر من غيره – للمشكلات الإنفعالية والإضطرابات السلوكية (كاثرين مونك 2001).
عمر الأم: تدل بعض البحوث على أن السن من 20 -35 سنة هو أنسب الأعمار للحمل ، وأن أقل من 20 سنة يكون له تأثير فى حالة عدم نضج الجهاز التناسلي للأم ، وأن أكثر من 35 سنة قد يكون له تأثيره أيضاً فى حالة تدهور وظيفة التناسل واحتمال التعرض للأمراض وطول المخاض وصعوبته ، أو حدوث التأخر العقلي عند الوليد فيما بعد. والنساء اللاتي يضعن الطفل الأول وهن بعض الخامسة والثلاثين يكن أكثر عرضة – من زميلاتهن الأصغر سناً – للمرض أثناء الحمل وطول المخاض ، وقد يحتجن إلى المعونة الطبية والجراحية أثناء الولادة.
اتجاهات الأم: قد ينعكس اتجاه الأم الحامل نحو حملها على حالتها الانفعالية أثناء الحمل. ويلاحظ أن المرأة التى تكره أن تكون حاملاً أو لا ترغب فى الحمل قد تكون أكثر ميلاً إلى الإضطراب الإنفعالي ، وأن الاتجاه السالب نحو الحمل يصاحبه عادة الغثيان والتقيؤ. هذا إلي جانب أن الإنفعال والإضطراب ونقص النضج الإنفعالي ، والصراع بين الزوجين وسوء التوافق بينهما يرتبط بعدم التوافق مع الحمل ، وظهور بعض الاضطرابات النفسية الجسيمة عند الأم. وربما يبدو ذلك بصورة واضحة فى حالات الحمل غير الشرعي ، ومحاولات التخلص من الجنين.
اضطرابات الحمـل والوضع قد يحدث في أثناء الحمل اضطرابات مثل: الإصابة والنزيف أو تسمم الدم (كما يحدث من أول أكسيد الكربون والرصاص) أو زيادة جرعات بعض العقاقير، وهذا يؤدي إلى نتائج خطيرة في نمو الجنين. وقد تؤثر الولادة العسرة وإصابات الولادة في حالة الطفل العقلية والجسمية، ومثال ذلك بعض حالات الولادة، الذي تستخدم فيه الآلات وأخطاء التوليد وقلة الأكسجين أو انقطاعه والنزيف في المخ، كل هذا قد يؤدي إلى تلف في الجهاز العصبي المركزي، تكون له نتائج سيئة على النواحي العقليةوالحركية مثلالتأخر العقلي والصرع،كذلك تؤثر الولادة غير الناضجة أو المبتسرة، حين يكون الطفل غير مستعد في بعض الأحيان للحياة خارج الرحم، أو عندما تكون الولادة عسرة جدا؛ مما يعرض الوليد لقدر كبيرة من الشدة والعناء، ويكون الطفل في هذه الحالات ناقص الوزن، مما يجعل هناك احتمال تعرضه لخلل عصبي. وقد تلاحظ عند هؤلاء الأطفال المبتسرين صعوبات كلامية، ونقص في التآزر الحركي وتطرف النشاط إما بالزيادة أو النقصان، وصعوبات في ضبط عملية الإخراج.ويلاحظ أيضاً وجود بعض الصعوبات الاجتماعية والانفعالية، تحيط بالطفل المبتسر. مما قد يؤدي إلى شدة القابلية للتشتت وعدم التركيز وغير ذلك من الأعراض، كذلك تؤثر المحاولات المتكررة الفاشلة للإجهاض تأثيراً خطيراً على نمو الجنين. (لؤي حسن ، 2008).
بالإضافة إلي السابق حيث ناقشنا الوراثة والبيئة، وأيهما يعلب دورا أكبر في تشكيل الطفل: الجينات أم المحيط البيئي الذي يعيش فيه، نضيف بعض الملحوظات الخاصة بمرحلة ما قبل الميلاد.
          من المعلوم أن البويضة المخصبة بما فيها من كروموزومات وجينات، والكائن الذي ينمو من نطفة إلي علقة إلي مضغة إلي جنين لا يمكن أن يعيش، إذا لم يوجد الغذاء اللازم للنمو في بيئة الرحم. و لكن كل ما في العالم من غذاء لن يصح طفلا ما لم توجد هذه البويضة المخصبة بما فيها من كروموزومات وجينات ..... الخ.
          ومن الدراسات التي أظهرت أهمية التفاعل بين الوراثة والبيئة، تلك التي قامت حول الذكاء، هل هو موروث أم مكتسب ؟ وما دور كل من الوراثة والبيئة في تحديده ؟ يقول فيليب فيرنون Vemon (1966) إن الحدود العامة للذكاء تتحدد بالوراثة، وفي الوقت نفسه تحدد البيئة مدى استغلال هذه الحدود، ويستطرد فيرون فيؤيد هيب Hebb في قوله أن المشكلة حول الذكاء من حيث الوراثة نتجت حقيقة بسبب الاختلاف في معاني الكلمات، فمن ناحية عندما نتكلم عن الذكاء، فإننا نفكر في القدرة أو الطاقة الولادية الموروثة الناتجة عن الجهاز العصبيـ والتي تحددها الجينات. ومن ناحية أخري فإننا نتكلم عن شخص علي أنه ذكي، ونعني في الحقيقة أنه كفؤ عقليا يمكنه أن يفكر جيدا ويمكنه أن يتعلم جيدا .... وهكذا. (لؤي حسن ، 2008).
ويطلق هيب علي الجانب الأول (الذكاء أ) وعلي الجانب الثاني (الذكاء ب). وعندما نلاحظ طفلا ونختبره ونحدد ذكاءه، فهذا هو الذكاء ب، وهو ليس كمثل الطاقة العقلية الوراثية التي بدأ بها، فإن الذكاء أ (الوراثي) يحتاج إلي أن ينمو ويشبع ويشكل عن طريق المثيرات، وهذه الفكرة تشبه أفكار علم الأحياء. فلنفكر في البذرة التي تلقي في الأرض لتصبح نباتا، فلكي نحصل علي نبات طيب، فإن البذرة يجب أن تكون طيبة، ويجب أن تزرع أيضا في بيئة طيبة ومناسبة تساعد علي النمو الطبيعي، وتكون مناسبة من حيث الرطوبة والحرارة والغذاء. والشيء نفسه صحيح بالنسبة للذكاء؛ فالذكاء العالي لا ينتج إلا عن الذكاء الوراثي العالي، ويحتاج الغذاء العقلي الطيب في البيئة (الذكاء ب) حتي نحصل علي الذكاء العالي المنشود كما نلاحظه أو كما نقيسه (الذكاء جـ). ومثل هيب، يقول جان بياجيه Piaget (1970) إن كلا من الإمكانات الوراثية والبيئية مهمتان؛ فالطفل لابد له من المخ القادر علي تكوين المدركات والأفكاروالعادات، ولابد له من الدافع والحاجة إلي الاستكشاف والتجريب والاهتمام بالبيئة.فكل طفل يريد أن يفهم العالم من حوله والأفكار والمدركات، التي يحصل عليها تتراكم تدريجيا في هذه المحاولات للسيطرة الأحسن والفهم الأفضل للعالم من حوله؛ فهو يحتاج إلي الكفاية من المثيرات المادية والكثير من الأشياء، وكذلك بالطبع المثيرات في البيئية الاجتماعية، ويحتاج إلي تدريب وتمرين مخه، ويحتاج إلي الكبار والأطفال الآخرين ليخبروه عما إذا كانت آراءه وأفكاره صحيحة أو خاطئة ..... وهكذا، وليعرفوه بالأفكار والآراء الجديدة.
بالإضافة للعوامل البيئية والوراثية الخارجة عن إرادتنا، هناك عوامل أخرى نحن نملك قدراً كبيراً من المسؤولية في إهمالها منها:
1-عوامل نفسية:
إن الضغوط الإنفعالية في أثناء الحمل تؤثر في نمو الجنين، إذ يرتبط الكثير من ضروب النقص العضوي
 ،مثل تشوه شكل الأذنين والفراغ الكبير بين إصبعي القدم الأول والثاني وإنحناء الإصبع الخامس،
 بالإضطرابات الإنفعالية التي تتعرض لها الأم خلال الحمل، أي خلال تشكيل البنية العضوية
ومن جهة ثانية يرتبط الإجهاض التلقائي بالأزمات العاطفية للأم ،فقد أشارت مختلف الدراسات إلى أن
النساء اللواتي يتكرر لديهن الإجهاض يعانين من صراعات نفسية كثيرة وعميقة وأنهن أكثر إتكالية وأقل
إهتماماً بالحمل من نظيراتهم اللواتي يضعن بصورة طبيعية.(سبوك ،1988).
2- سوء التغذية
المرأة حامل.. يعني أنها لم تعد فرداً وإنما هي اثنان ومن الضروري أن تكتسب المرأة الحبلى، دعم غذائي
 جيد عبر تناول وجبتين إضافيتين من الطعام، على أن تكونا جيدتين نوعياً وليس كمياً ، إذ أن غذاء منوعاً
 ومتوازناً سيساعد الأم لأن تحافظ على قوام جيد فلايزيد وزنها كثيراً وغالباً ما يصاب بعض الأطفال في
 الأيام الأولى من أعمارهم بقروح تسمى (أكزيما الأطفال) ، تنتج من سوء تغذية الأمهات أثناء الحمل.
وتعتبر أفضل وسيلة لتأمين العناصر المغذية خلال شهور الحمل هى الإلتزام بأساسيات التغذية المثالية
 البسيطة، التى ترتكز على توفر تناول (اللبن الحليب، البيض، اللحوم، البقول، الحبوب بقشرها مثل قمح
 البليلة، والفواكه والخضراوات)
3-الإكثار من شرب القهوة والشاي
إن مادة الكافيين الموجودة بالقهوة والشاي ، تجتاز الحاجز المشيمي لتصل إلى الجنين، فإذا كانت المرأة
 الحامل تكثر من شرب القهوة أن تمتنع عن ذلك أثناء فترة الحمل . أما بالنسبة للشاي فإن مقدار إحتوائه
 للكافيين أقل وعلى المرأة أن تقلل من إحتسائه قدر المستطاع حتى لا يتضرر الجنين من هذه المادة المؤذية
4-إصابة الحامل بالإنفلونزا مع الحرارة
السيدات الحوامل اللاتي يتعرضن للإصابة بالإنفلونزا المصحوبة بإرتفاع درجة الحرارة في النصف
الثاني من حملهن‏,‏ قد يتعرض مواليدهن لمشاكل في النمو فيما بعد‏,‏ كما أثبتت دراسة أمريكية بجامعة
نيوجرسي شملت ستة الآف امرأة‏,‏ وذلك لأن إرتفاع درجة الحرارة المصاحب لفيروس الإنفلونزا هو
الذي يسبب هذه المشاكل الصحية للجنين‏,‏ حيث إن النصف الثاني من الحمل هو الفترة التي يتكون فيها
مخ الجنين‏,‏ وتتمثل المشاكل التي يمكن أن يعانيها عندما يصل إلي سن المدرسة أو حتي قبل المدرسة
في صعوبة الفهم والإستيعاب وصعوبة التركيز والضعف في الأداء بصفة عامة بالمقارنة لمن يماثلونه
في العمر‏. (عبد العزيز عرفات،ب ت)
5-التدخين
يؤثر التدخين بما يحتويه من مواد سامة مثل النيكوتين والسيانيد و أول أكسيد الكربون على صحة المرأة
 الحامل وصحة الجنين. و لا يتم ذلك عبر تدخين المرأة للسجائر فحسب؛ بل حتى عند تعرض المرأة
 الحامل للأبخرة المنبعثة من أفواه المدخنين فيما يسمى ذلك بالتدخين السلبي،
 و يتأثر الجنين مباشرة من التدخين وذلك لأن كثير من المواد السامة التي يحتويها الدخان تمر عبر المشيمة
 إلى الجنين مسببة عدد من التأثيرات التي تم إثباتها في عدد من الأبحاث والدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع ومن هذه التأثيرات:
1-علاقة التدخين بحدوث الإجهاض .
2-التدخين يسبب نقص في وزن الطفل المولود .
3-التدخين يسبب بعض التشوهات الخلقية عند الطفل المولود.
4-التدخين وعلاقته بحدوث ما يسمى بحالة الوفاة المفاجئة للطفل بعد الولادة
6-صبغات الشعر والكيماويات الأخرى
أثناء فترة الحمل، وخاصة في شهور الحمل الأولى تُمنع الحامل من تناول أية أدوية؛ وذلك لأن الجنين يكون
في أطوار التكوين الأولى، وأي كيماويات يتم تناولها قد تسبّب تشوهات في الجنين، وفي آخر الأبحاث التي
نشرت في الدوريات الصحية ثبت أن استخدام صبغات الشعر أثناء الحمل - وخاصة في الشهور الأولى  قد
 تسبب تشوهات في الجنين، مثلها مثل تناول الأدوية، حيث إن هناك كميات ضئيلة منها تدخل إلى الدورة
الدموية. (مدحت لطفي ،2006).
وبالقياس فإن استخدام مادة فرد الشعر لفترات طويلة أو ما يطلق عليه "البرمننت" يكون لها نفس تأثير
 الصبغات ,و لو بشكل أقل حيث أن فترات تواجده على الشعر تكون أقل؛ إلا أنه يفضل الإبتعاد عن استخدام
 مثل هذه المادة الكيميائية أثناء الحمل أو على الأقل في الستة شهور الأولى منه.
لذا ننصح -وبصفة عامة- بعدم إستخدام الصبغات أثناء الحمل والرضاعة بسبب إحتمال الحساسية تجاه تلك الصبغة التي قد تكون شديدة، وتحتاج للعلاج بأدوية قد يكون لها تأثير سلبي على الحمل والجنين وكذلك لبن الأم.
7- تناول بعض الأدوية
إن تناول أي دواء غير مناسب وبدون استشارة الطبيب يمكن أن يسبب مضاعفات أو إعاقات خلقية للطفل
 إذا تناولته امرأة حامل . أصناف الأدوية:
1) ا لعلاجات التي تشكل مخاطرة أكيدة على الطفل :
المواد الكحولية، المضادات الحيوية ( كلورأمفينيكول، كلوروكوين، أريثرومايسين، نيتروفورانتوين،
 نوفوبيوسين، كوينين، ستربتومايسين، السلفا، تتراسايكلين ) ، الأدوية المضادة للسرطان، تستوستيرون،
 أدوية ضد الغدة الدرقية، بترين، كادميوم، الرصاص، الزئبق، موانع الحمل، النيكوتين، وارفاين .

2) أدوية ذات مخاطر قاتلة جسمية :
غازات النيتروجين للتخدير، خافضات الجلوكوز في الدم، ( كلوروبروباميد، تولبيوتاميد ) ، المهدئات،
 علاجات ضد التشنج، ريسيرباين، فيتامين أ .
3) أدوية ذات مخاطر قاتلة محتملة :
كافايين، مهدئات فاليوم INAH ) )،انسولين، ليبريوم، ميكلايزين، ميبروباميت .
8- حوادث الإجهاض السابقة
الإجهاض التعودى المتكرر لولادة جنين غير مكتمل لأكثر من ثلاث مرات يكون لعيوب ناتجة عن
 تشوه الرحم لصغره أو انقسامه أو عيوب بعنق الرحم وأيضاً وجود الأورام داخل الرحم، وأيضاً نتيجة
لسبب أساسى هو إتساعها وعدم مرونة عنق الرحم، وهنا يكون العلاج بعملية ربط للعنق من خلال
 الطبيب المتخصص، ويكون أيضاً نتيجة لأمراض مزمنة بالكلى والسكر وضغط الدم أو قد يكون بسبب
ما يسمى بداء القطط الذي يأتي نتيجة لإقتناء القطط والكلاب لإحتواء الفضلات على ميكروبات تؤدي
إلى تشوهات بالجنين أو الإجهاض
9-زيادة الوزن أثناء فترة الحمل
منالمؤكدأنوزنالحامليزدادبعضالشيءأثناءالحملوالسببفيزيادةالوزنهوأنالطفلنفسهيزن
 في المتوسط 3.2 كيلو غرامات عند ولادته، يضاف إلى ذلك وزن المشيمة الذي يزن حوالي أقل من نصف
 كيلو غرام، كما أنه تكون هناك زيادة حوالي كيلو غرام في وزن الرحم نفسه. علاوة على ذلك يزداد وزن
 الثديين وكذلكحجم السوائل داخل الجسم ومن ثم فإن أغلب السيدات يصبن بسبب حملهن للطفل،بزيادة في
الوزن تبلغ حوالي 6.4 كيلو غرامات.
ويهتم الأطباء بوزن الجسم أثناء فترة الحمل للأسباب التالية:
الصعوبة الكبيرة عند محاولة إنقاص الوزن بعد إنتهاء الحمل.
• الزيادات الحادة في الوزن في الفترة الأخيرة من الحمل قد تشير إلى إحتباس السوائل داخل الجسم أكثر
 من كونها دلالة على تراكم الدهن في الجسم وهذه الزيادات الحادة في الوزن قد تعدّ من الأعراض الخطرة
إذا كانت لها علاقة بإرتفاع ضغط الدم.
• مصاعب الوضع يمكن أن تحدث إذا كان الجنين أسمن بكثير من الحد الأوسط
10-الأنيميا
يتم تشخيص الأنيميا خلال فترة الحمل عندما يهبط مستوى هيموجلوبين الدم عند الأم أقل من 10 ملغم ،
 ويلاحظ ذلك عند 15 % من النساء الحوامل ، بينما يتقدم الحمل ، يميل مستوى هيموجلوبين الدم وعدد
كريات الدم الحمراء إلى الإنخفاض، وذلك لأن كمية الحديد المأخوذة غير كافية لتغطية المصروف منها
 بما أن استهلاك الحديد يتزايد بسبب المعدل النشط من الأيض ( تجدد الخلايا ) عند الأم والطفل .
والحالات المعروفة من الأنيميا هي الأنيميا التي تستحث النزيف الشديد والعدوى ، وأنيميا تضخم
الكريات الحمراء ، والأنيميا المؤذية ، أنيميا بول الدم ، أما الأكثر شيوعاً منها هي أنيميا نقص الحديد
. والأنيميا تؤثر على النمو والتطور للجنين ويسبب مضاعفات متعددة خلال الولادة
11- الحصبة الألمانية :
إنه ليس مرضاً خطيراً في حالة عدم وجود حمل، ولكن لو كانت المرأة حاملاً عندما أصيبت بالمرض، فإن
 مخاطر الإعاقة الخلقية تكون عالية، الإعاقات المحتملة يمكن أن تكون إظلام عدسة العين، الغلوكوما ( المائية الزرقاء في العين ) ، إضطرابات في الرؤية واضطرابات سمعية، ومتاعب في النمو المتطور، وقد تؤدي الإصابة بالحصبة الألمانية إلى الإجهاض وإصابة قلب الجنين بالتشوهات أو العاهات السمعية والعقلية والبصرية وتكون الإصابة أكثر كلما حدثت العدوي خلال الشهرين الأولين من الحمل (حامد زهران، 2005) الأمر المهم هنا هو تشخيص المرض وعيادة الطبيب لمناقشة الحفاظ على الحمل
12-سكر الحمل:
قد تصل إلى 4% وتعود إلى الحدود الطبيعية فيترافق سكر الحمل بخطورة  حال المتابعة الدورية الدقيقة
 واتخاذ الإجراءات المناسبة. وارتفاع نسبة السكر فى دم الأم الحامل قد يؤدي إلى تشوهات فى القلب والأوعية الدموية وجهاز التنفس للجنين ولذلك لابد من معالجة الأم من هذا المرض أثناء الحمل وهناك أمراض أخري تترك أثراً واضحاً على الجنين ومنها الجدري والتهاب الكبد الوبائي وارتفاع ضغط الدم (عقل، 1998).


قد يؤدي سكر الحمل في الجنين إلى:
• موت الجنين داخل الرحم المفاجئ وغير معروف السبب.
• كبر حجم الجنين وبالتالي إلى عسر ولادته مما يستدعي اللجوء إلى العملية القيصرية.
• زيادة الماء حول الجنين وبالتالي خطر ولادة مبكرة ووضعيات معينة داخل الرحم.
• قد يترافق مع ارتفاع ضغط الدم لدى الأم مما قد يؤدي إلى قصور في وظيفة المشيمة وبالتالي نقص نمو الجنين داخل الرحم.
• إختناقات تنفسية بعد الولادة نتيجة لعدم نضج الرئة.
• نقص في سكر الدم لدى الوليد بسبب نقص الوارد من السكر عن طريق دم الأم.
• نقص في الكالسيوم لدى الوليد.
13- المناعة والتطعيم خلال فترة الحمل :
تعتمد على أي نوع من المطاعيم أو المناعة التي حصلت عليها الأم . مثلا : يمكن إعطاء الأم مطعوم
الدفتيريا والتيتانوس ( الكزاز ) إذا لم تكن قد أخذت المطعوم في المدة الـ 10 سنوات الأخيرة . بينما
مطعوم شلل الأطفال لا يعطى إلا إذا كان منتشراً حديثاً في المنطقة . ويجب الإمتناع عن مطعومي النكاف أو الحصبة الألمانية خلال أشهر الحمل، بينما يجب أن يعطى مطعوم التيفوئيد إذا كان عليها السفر حول منطقة ينتشر بها وباء الحمى الصفراء، فيجب أن تعطى المطعوم قبل أن تغادر لأن الإصابة بالمرض أخطر عليها من إحتمالية المضاعفات القاتلة من أخذ المطعوم. لا ينصح بمطعوم الكوليرا لأي امرأة حامل إلا إذا سافرت لمنطقة انتشر بها المرض حديثاً، أو أنها ستتصل بشخص لديه عدوى كوليرا نشطة . يمكن إعطاء مطعوم داء الكلب حسب البروتوكول المعمول به . أما مطعوم إلتهاب الكبد الوبائي فيعطى للمرأة الحامل قبل السفر إلى منطقة فيها مخاطر التلوث بفيروس إلتهاب الكبد، أو بعد الإتصال بشخص أصيب بعدوى إلتهاب الكبد الوبائي(مدحت لطفى،2006)
ملحوظات علي مرحلة ما قبل الميلاد
          قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس". ولقد ذكرنا أنه بالنسبة لعامل الوراثة وأهميته في هذه المرحلة، يحسن أن يهتم الشباب المقبل علي الزواج بأن يحسن الاختيار الظاهري، وأن يعمل في الوقت نفسه حساب العوامل الوراثية. وفي هذا الصدد ينصح علماء الوراثة بعملية الفحص قبل الزواج والقيام بتوجيه وإرشاد الراغبين في الزواج في فرص الاختيار، بخصوص انتقال صفة معينة من الأجداد والوالدين إلي الأولاد. وهذه الصفات قد تكون مرغوبة مثل الذكاء أو الشعر الذهبي، أو غير مرغوبة مثل التأخر العقلي أو عمي الألوان.
          هذا، ويجب ألا نلقي العبء كله في تفسير أنواع الشذوذ أو المرض أو الاضطراب علي الوراثة، فكثير من الاضطرابات التي كان من المعتقد أنها وراثية، اتضح أنها تحدث نتيجة لعوامل بيئية. ويجب أن يتخلص الوالدان من الآراء الخاطئة عن الوراثة، والتي قد تسبب لهما كثيرا من القلق الذي لا داعي لهوالمشكلات التي لا لزوم لها. ويجب أن يتخلص الوالدان من القلق ما داما خاليين من العيوب الوراثية الواضحة، فمن الخطأ التخوف من احتمال إصابة الوليد بمرض مزمن؛ لأن هذه الاحتمال نادر جدا. ونحن نعلم أن الوراثة ليست هي التي تدفع الشخص العادي إلي الامتياز بل إنها البيئة. وأن الوراثة ليست هي التي تخلق مساوئنا وعيوبنا، إذا فلنحارب الفقر والجهل والمرض. ويجب أن نعمل حسابنا أن "الطفل = الوراثة × البيئة الطبيعية والكيماوية (الرحم) × البيئة الخارجية". ومعروف أنه ليس في الإمكان تغيير المحددات الوراثية للطفل، ولكن من الممكن تهيئة العوامل البيئية والمناخ المناسب للنمو النفسي السوي.
          ويلاحظ أن بعض البحوث تشير إلي أن الجنين الأنشط حركياً يميل إلي أن يكون في مرحلة المهد أعلي في مستوي نضجه وأسبق في نموه عن الجنين الأقل نشاطا، إلا أن هذا يحتاج إلي مزيد من البحث لإثباته. ولكن هذه الملاحظة وغيرها تؤكد أنه حتي ندرس نمو السلوك دراسة سليمة، فلابد أن نبدأ في مرحلة ما قبل الميلاد.(حامد زهران ،2005).
          ومما سبق، يتضح أن المجتمع يجب أن يهتم بالأم الحامل ويرعاها طبياً ونفسياً وإجتماعياً؛ حتى يحاط الجنين بأحسن الظروف الممكنة لإكتمال عملية نمو ممكنة اكتمالاً صحيحاً.
siege auto

0 التعليقات

إرسال تعليق