الأحد، 7 ديسمبر 2014

أحكام الشريعة: أقسام الحكم ومتعلقاته "ثالثاً: الحكم الوضعى ومتعلقاته" ج3


أحكام الشريعة "الأحكام ومتعلقاتها وأحكامها" ج1

أحكام الشريعة: أقسام الحكم ومتعلقاته "أولاً: الحكم التكليفى ومتعلقاته" ج2


ثانياً: الحكم الوضعى ومتعلقاته
تنحصر التفرقة بين الحكم التكليفى والحكم الوضعى فى أمرين:
1- أحدهما: أن الحكم التكليفى هو طلب فعل من المكلف أو طلب كفه عن فعل أو تخييره بين فعل شئ والكف عنه.
2- ثانيهما: أن ما طلب فعله أو الكف عنه لا بد أن يكون مقدوراً للمكلف وفى استطاعته أما ما وضع سببا أو شرطا أو مانعا فقد يكون أمرا فى مقدور المكلف وقد يكون أمراً ليس فى مقدور المكلف.
الحكم الوضعى
تعريفه وتقسيمه:
الحكم الوضعى: هو خطاب الله تعالى المقتضى وضع شئ سببا لشئ أو شرطاً له أو مانعاً منه.
أما الصحة والبطلان فهما محل خلاف
1- السببية
تعريفها: هى خطاب الله الذى جعل الشئ سبباً لشئ آخر.
فالله سبحانه وتعالى جعل الأحكام مرتبة على الأسباب تيسيراً للعباد وتسهيلاً عليهم ليتوصلوا بذلك إلى معرفة الأحكام.
فالله سبحانه وتعالى جعل السرقة سببا فى وجوب قطع يد السارق والسارقة فى قوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما".
وقد اختلف الفقهاء فى كون السببية للإعلام أو للتأثير فذهب الجمهور إلى أن المراد بالسببية الإعلام.
وذهب المعتزلة: إلى أن المراد بالسببية التاثير.
وتنقسم السببية بحكم الإستقراء إلى: الوقتية والمعنوية.
فالوقتية: أن تكون سبباً لحكم تكليفى كزوال الشمس لوجوب الصلاة.
والمعنوية" كالإسكار فإنه سبب لتحريم المسكر.
الشرطية
تعريفها: هى خطاب الله تعالى الذى جعل الشئ شرطاً لشئ آخر.
كقوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً فقد أقتضى أن استطاعة السبيل إلى البيت شرط لإيجاب حجه.
وقوله –صلى الله عليه وسلم – لا نكاح إلا بشاهدين فقد أقتضى أن حضور الشاهدين شرط لصحة الزواج.
المانعية
تعريفها: هى خطاب الله تعالى الذى جعل الشئ مانعاً.
كقوله –صلى الله عليه وسلم – :" ليس للقاتل ميراث" فإنه يقتضى جعل قتل الوارث مانعا من إرثه.
الصحة
معناها فى الإصطلاح: خطاب الله تعالى المتعلق بكون الشئ صحيحاً إذا فعل على النحو الذى أمر الشارع به.
ومثالها: اعتبار الصلاة صحيحة إذا أقيمت مستوفية لأركانها وشروطها واعتبار الإجارة صحيحة إذا جرت بين المتعاقدين مستكملة جميع أركانها وشروطها.
ولفظ الصحة ويطلق ويراد منه: ترتيب آثار العمل عليه فى الدنيا كما نقول فى العبادات إنها صحيحة بمعنى أنها مجزئة ومبرئة للذمة ويطلق ويراد منه ترتب آثار العمل عليه فى الآخر كترتب الثواب عليه فيها.
البطلان أو الفساد
البطلان: هو ما يقابل الصحة.
وفى الإصطلاح: هو خطاب الله تعالى المتعلق بكون الشئ باطلاً أو فاسداً إذا تم على صورة غير مشروعة.
ومثاله: اعتبار الصلاة باطلة أو فاسدة إذا أتى بها الشخص غير مستوفية لجميع أركانها وشروطها.
متعلقات الحكم الوضعى
قسم جمهور الأصوليين – غير الحنفية – متعلقات الحكم الوضعى إلى خمسة أقسام:
1- السبب.    2- الشرط.    3- المانع.     4- الصحيح,          5- الباطل.
وأما الحنفية: فانحصرت متعلقات الحكم عندهم فى خمسة:
1- الركن.     2- العلة.      3- السبب.    4- الشرط.    5- العلامة.
وأما الصحيح والباطل فلم يعدهما الحنفية من متعلقات الحكم الوضعى.
السبب
والسبب عند الأصوليين هو: الوصف الظاهر المنضبط الذى جعله الشارع معرفاً لحكم شرعى هو مسببه.
وينقسم السبب من حيث القدرة على فعله وعدمها إلى:
1- سبب يكون فعلاً للمكلف مقدوراً له: كقتل العمد فإنه سبب لوجوب القصاص.
2- سبب يكون أمراً غير مقدور للمكلف وليس من أفعاله كدخول الوقت لإيجاب الصلاة والقرابة للإرث.
وحكم السبب: إنه إذا وجد السبب ، وتوافرت شروطه وانتفت موانعه ترتب عليه مسببه حتماً.
أما الحنفية فإنهم يرون أنه لابد وأن يتوسط بين السبب وبين الحكم علة لذا قسموا السبب إلى ثلاثة أقسام:
1- الأول: سبب حقيقى وهو ما يكون طريقاً إلى الحكم بأن يتوسط بينه وبين الحكم علة.
وحكمه: أنه لايضاف أثر الفعل إليه بل إلى العلة المتوسطة بين الحكم والسبب.
2- الثانى: سبب فى حكم العلة وهو ما تضاف إليه العلة المتوسطة بينه وبين الحكم فيصير للسبب حكم العلل.
3- الثالث: سبب مجازى وهو طريق للحكم يفضى إليه لا فى الحال بل فى الحال.
كاليمين بالله فإنه سبب مجازى للكفارة.
الشرط
معناه فى اللغة: العلامة اللازمة ومنه أشراط الساعة فى الإصطلاح: هو الوصف الظاهر المنضبط الذى لزم من عدمه عدم الحكم أو عدم السبب لحكمة فى عدمه تنافى حكمة الحكم أو السبب.
فالشرط الذى ينافى حكمه الحكم: عدم القدرة على التسليم ينافى حكمة البيع وهو إباحة الإنتفاع.
والشرط الذى ينافى السبب: الطهارة للصلاة فإن عدمها ينافى تعظيم البارى وهو السبب لوجوب الصلاة.
والشروط المعتبرة شرعاً على ضربين:
1- أحدهما: ما كان راجعا إلى خطاب التكليف كالطهارة للصلاة والحول للزكاة.
2- وثانيهما: ما يرجع إلى خطاب الوضع كحياة الوارث والإحصان فى الزنا.
وقد قسم الحنفية الشرط إلى أربعة أقسام:
1- شرط حقيقى: يتوقف عليه المشروط حتى لا يصح الحكم بدونه.
2- شرط جعلى: يعتبره المكلف ويعلن عليه تصرفاته ويسمى صيغة.
3- شرط فى حكم العلة.
4- شرط إسماً لأحكام.
مثال قول القائل: إن دخلت هذه الدار وهذه الدار فأنت طالق.
المانع
معناه فى اللغة: الحائل بين الشيئين.
وفى الإصطلاح: الوصف الظاهر المنضبط الذى جعله الشارع حائلاً دون وجود الحكم أو حائلاً دون اقتضاء السبب متسببه فيلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته.
والمانع قسمان: مانع للحكم ومانع للسبب.
فالمانع للحكم: ما استلزم حكمة تقتضى نقيض حكم السبب مع بقاء حكمة السبب.
وذلك كالأبوة فى القصاص فإن حكمة كون الأب سببا لوجود الأبن يقتضى ألا يصير الأبن سببا لعدمه مع تحقيق السبب وهو القتل ظلما لكن وجد مانع منع ترتيب الحكم عليه هو أن القاتل أبو المقتول.
والمانع للسبب:
كالدين  لمن ملك نصابا من أموال الزكاة فإن دينه مانع من تحقق السبب لإيجاب الزكاة عليه.
وقد قسم الحنفية المانع إلى خمسة أقسام:
1- الأول: مانع يمنع انعقاد السبب كبيع الحر.
2- الثاني: ما يمنع تمام السبب كبيع ما يملكه الغير.
3- الثالث: ما يمنع ابتداء الحكم كخيار الشرط للبائع.
4- الرابع: ما يمنع تمام الحكم كخيار الرؤية.
5- الخامس: ما يمنع من لزوم الحكم كخيار العيب.
الصحيح
الصحيح فى اللغة: السليم,
وفى الإصطلاح: ما ترتب عليه المقصود من الفعل.
أو هو: الفعل الذى استتبع غايته.
وليس المراد من استتباع الغاية: حصولها بالفعل بل المراد كون الفعل بحيث تترتب عليه غايته إذا وجدت شروطه وانتفت موانعه.
وحكمه: أنه إذا أدى المكلف ما طلب منه مستكملاً أركانه وشروطه أجزأة وسقط عنه الواجب وبرئت ذمته منه ولم يستحق تعزيزاً فى الدنيا واستحق المثوبة فى الآخرة.
الباطل أو الفاسد
والباطل والفاسد لفظان مترادتان فى العبادات فيطلقان على ما يقابل الصحيح.
ومعناها: كون الشئ لم يستتبع غايته.
ويعرفان: بمخالفة العبادة لأمر الشارع بفوات ركن أو شرط وأما الباطل والفاسد فى المعاملات فهما عند الشافعي مترادفان.
وأما الحنفية فإنهم يفرقون بينهما.
فجعلوا الباطل: ما لم يشرع بأصله ولا وصفه.
مثال بيع الحمل.
والفاسد ما كان أصله مشروعاً ولكن امتنع لوصف عارض ومثلوا له ببيع الدرهم بالدرهمين فإن البيع مشروع باعتبار ذاته ولكنه غير مشروع باعتبار ما أشتمل عليه من الوصف وهو الزيادة وكذا البيع بثمن مجهول.
وحكم الباطل – عند الحنفية – أنه لا يعتد به أصلاً فإذا صلت الحائض أو صامت فلا اعتداد بذلك وحكم الفاسد – عندهم – أنه يفيد الصحة ويترتب عليه آثاره مع الإثم فإذا باع الدرهم بالدرهمين فإنه يصح – ويفيد الملك إذا أتصل بالقبض – مع الإثم فإذا ألغيت الزيادة فلا إثم.

وهذا الخلاف الواقع بين الشافعية والحنفية خلاف لفظى.
siege auto

3 التعليقات: