الأربعاء، 14 مارس 2018

ركائز وشروط البحث الجيد



                                       ركائز وشروط البحث الجيد:
لخص فؤاد عبد العال وآخرون (1998) أهم ركائز وشروط البحث الجيد على النحو التالي:
1-  القراءات الواسعة من جانب طالب الدراسات العليا فى موضوع رسالته ، وما يتصل بها من موضوعات فى مختلف أوعية المعلومات؛ على شرط أن تكون هذه المصادر حديثة، حتي لا يضيع جهده فى الوصول إلى نتائج يكون غيره قد سبقه إليها.
2-  فهم آراء الغير فهماً صحيحاً دقيقاً لا لبس فيه ؛ مع الدقة والأمانة فى نقل آرائهم أو ترجمتها بما يتضمن عدم تحريفها.
3-     تقييم آراء الغير، بوضعها موضع النقد ، وعدم اعتبارها من المسلمات.
4-     التوصل إلى ابتكار علمي يضيف جديداً إلى مجال تخصص الباحث.
5-     ترتيب المادة التى يتوصل إليها طالب الدراسات العليا ترتيباً منطقياً جديداً.
6-     استنتاج أسباب جديدة لحقائق قديمة.
7-     تكوين موضوع منظم من مواد متناثرة غير مترابطة.
8-     إجراء المقارنات ، واستخلاص النتائج منها.
9-     الكشف عن كل ما هو جديد حول موضوع الرسالة.
10-  عدم إحتواء الرسالة إلا علي كل ما هو جديد ووثيق الصلة بالموضوع فقط ، مع البعد عن حشو الرسالة بكل ما يتصل بالموضوع من معلومات ، من قريب أو بعيد.
كما أضاف عبد الله الكيلاني (2004) بعضاً من شروط البحث الجيد وحددها في ما يلي:
1-     أن يكون موضوعها مما يهم قطاعاً مناسباً من المجتمع ، سواء أكان مما يتصل بالحضر أو المستقبل.
2-     تعالج مشكلة أو ظاهرة لها أهميتها من وجهة النظر العلمية ، أو التطبيقية ، أو الوطنية أو الإقتصادية.
3-     أن تقوم على منهج علمي سليم.
4-  أن تراعي فيها النواحي الفنية والشكلية ، وأن يكون إخراجها مطابقاً لما هو متعارف عليه علمياً ، وما هو محدد من قبل الجامعة التى تمنح من خلالها الدرجة العلمية.
السمات والصفات المميزة للباحث العلمي:
هذه مجموعة من الصفات والسمات التي ينبغي أن يتحلي بها الباحث العلمي وقد أوجزها العنيزي (1999) على النحو التالي:
1-     الثقة بالعلم والبحث العلمي. يثق الباحث بأهمية العلم فى إيجاد الحلول للمشكلات التى تواجه الإنسان.
2-  الإيمان بقيمة العلم المستمر. لا يكتفي الباحث أن يدعي بأنه عرف كل شئ، بل يجب أن يكون متقناً لتخصصه الدقيق ، متفتحاً على العلوم والثقافات الأخري.
3-  الأمانة والدقة. وهي تعني أكثر من مجرد الصدق فى جمع البيانات والمعلومات، فعدم توفر الأمانة العلمية فى البحث يعني عدم صدق النتائج.
4-  الإنفتاح العقلي وتقبل الحقائق. وهي تعني: عدم التزمت من جهة الباحث، وعدم المرونة ، وإعطاء الحرية لنفسه للبحث والدراسة واكتشاف الحقائق، حتي لو كانت مخالفة لمعتقداته. ويتميز بقدرة على تقبل تلك الحقائق المعارضة.
5-  القدرة على الإنجاز. القدرة على إنجاز خصائص البحث العلمي، والبحث عن أدلة كافية تجعله أكثر وثوقاً فى إصدار الأحكام.
6-  بالإضافة إلى ذلك كله توفر الرغبة الشخصية لدي الباحث، والمثابرة، والتواضع، والقدرة على التركيز، وقوة الملاحظة، والقدرة على تنظيم الوقت ... وغيرها.
وقد لخص ذنون الدباغ (1999) أهم مواصفات الباحث العلمي على النحو التالي:
1-  الرغبة. حيث تعد أهم شرط من شروط مواصفات البحث العلمي ؛ إذ لا يعقل أن يكون بالإكراه، فحب الحقيقة والمتعة بالإكتشاف مصدره الرغبة فى البحث.
2-  الصبر. وهي صفة مهمة جداً يجب توفرها فى الباحث؛ حيث إن هناك العديد من المشاكل العملية والفنية التى تواجهه ، وتتطلب منه الصبر.
3-  الثقافة. على الباحث العلمي أن يتسلح بالعلم والمعرفة. والقدرة على تحليل النتائج والتحلي بالنزاهة والأمانة العلمية ، والموضوعية.
أسباب ضعف البحث العلمي:
وقد لخص عبد الرحمن العالي (1998) تلك الأسباب كالأتي:
1-     نقص الدعم المادي للبحث العلمي.
2-     قصور برامج التطوير المهني لعضو هيئة التدريس فى مجال البحث العلمي.
3-     قلة المختبرات، والنقص الكبير فى تجهيزاتها.
4-  عدم الجدية المهنية فى البحوث المقدمة فى بعض الجامعات، وعدم ارتباطها بالحاجات الفعلية للمجتمع.
5-     التركيز على الجوانب النظرية ، وإهمال الجوانب التطبيقية.
6-     عدم إعطاء البحوث العلمية الأولوية والأسبقية فى بعض الدول.
7-     قلة أعداد العلماء العالمين فى مجال البحث العلمي، وصعوبة أوضاعهم الإجتماعية.
8-     التعقيدات البيروقراطية فى مجال الإدارة.
9-     عدم ملائمة جو البحث العلمي الذى يساعد على نمو العلماء.
10-  ضعيف دور القطاع الخاص فى دعم البحث العلمي.
11-  ضعف العائد من البحوث أمام الباحثين فى الجامعات وغيرهم.
12-  ضعف النظم التى تحفظ حقوق المبدعين فى مجال البحوث.
13-  عدم تقديم عوائد مجزية للباحثين من قبل القطاع الخاص.
14-  عدم وجود حوافز كافية أمام الباحثين المتميزين فى المؤسسات البحثية.
15-  عدم الإهتمام الكافى بحضور العلماء والباحثين للمؤتمرات العلمية.
16-  عدم توافر البيئة الخصبة للبحث العلمي.
أهمية البحث العلمي:
اهتم كثير من الكتاب والباحثين فى مجال التعليم العالي بإبراز أهمية البحث العلمي الجامعي ، ودوره فى التنمية الاقتصادية والإجتماعية للمجتمع. وقد ازداد ذلك الاهتمام بفعل العوامل التي شكلت البنية الجديدة للمجتمعات المعاصرة. ومن تلك العوامل: تيار العولمة ، والثورة المعلوماتية، التكتلات الإقتصادية ، التي أضحت علامة بارزة للعصر الحديث. (عبد الله الزهراني ، 2003).
ويؤدي البحث العلمي دوراً أساساً فى عصرنا الحاضر، باعتباره وسيلة لتطوير المعرفة والتجديد والابتكار والاختراع، ولتوفير المعلومات لمتخذي القرارات؛ حتي يتمكنوا من إيجاد الحلول للمشكلات، ودفع عجلة التقدم. ويفضل البحث العلمي تمكنت بعض الدول من أن تحقق تقدماً كبيراً، وأن تنتقل من التخلف إلى مصاف الدول المتقدمة – وأن تصبح نموراً اقتصادية -؛ كدول جنوب شرق آسيا. (زكريا لال، 1998).
ويري عبد الله النجار (2001) أن التغير السريع فى شتي المجالات يعد من أبرز سمات العصر الحديث؛ الأمر الذى أدي إلى ضرورة تغيير وظائف المؤسسات بكافة أنواعها وأشكالها وأحجامها، حيث يعد البحث العلمي من أهم الوسائل التى يبني عليها العالم تطوره وتقدمه؛ فهو الركيزة الأساسية التى استندت عليها الدول النامية للحاق بالدول المتقدمة ، بل أصبح من المعلوم أن البحث العلمي ضرورة واستثماراً له عائد ضخم يزداد بزيادة الإنفاق عليه. فمن خلاله يمكن تحقيق الأهداف والخطط التى تطمح أى دولة للوصول إليها.
هذا وقد أوضحت كثير من الدراسات والبحوث أن التقدم التقني ما هو إلا ثمرة من ثمار البحث العلمي ، ونتيجة مهمة من نتائجه ولهذا السبب نجد أن الدول الأكثر تقدماً فى المجال التقني تزداد بها مؤسسات البحث العلما كماً ونوعاً ، وتتوزع بشكل واضح فى كافة القطاعات المهنية العلمية الخدمية ؛ إذ أصبح تقدم أى مجتمع مرهوناً بممدي وثوق أفراده بالعلم، وامتلاك التكنولوجيا المتقدمة. كذلك أصبح لزاماً على المجتمعات أن تسلك سبيل العلم للحاق بركب الحضارة، وتجنب التخلف. (سمر الدباغ وميسون عبد الله، 2005).
وتجدر الإشارة إلى الدور الهام الذى يؤديه البحث العلمي فى التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتقنية؛ إما بطريقة مباشرة، من خلال: إيجاد منتجات جديدة، أو تطوير منتجات قائمة، أو حل مشاكل تعيق التنمية. أو بطريقة غير مباشرة؛ من خلال: تناول قضايا تساعد على إعداد الخلفيات العلمية، والمناخ المناسب لعمليات التنمية. فالبحث العلمي وما يصل إليه من نتائج هو ذو أهمية للدول النامية؛ للإستفادة من تلك النتائج فى تحسين نموها الإقتصادي والإجتماعي والتقني، والدول المتقدمة؛ للمحافظة على مكتسباتها، وتطويرها (ندوة تخطيط وإدارة البحوث ، 1999).
إن البحث العلمي – بوصفه "عملية فكرية منظمة ، هدفها تقصي الحقيقة فى شأن مسألة أو مشكلة من مشكات الحياة التى نعيشها ؛ من أجل حلها ، أو تعبيدها للوصول إلى نقطة تطور ما فى هذه الحياة" فإنه يمثل للمجتمعات أهمية قصوي ، سيما فى عصرنا الحاضر ؛ حيث تقاس قوة المجتمعات الإنسانية وقدرتها بمدي تقدمها فى البحث العلمي. وبدون هذه الطاقات الإنسانية الهائلة للعلم، أو التى يشكلها البحث العلمي فى ضمير الأمة لا يمكن أن يحتسب لهذا المجتمع أو ذلك أي حساب فى موازين القوي المعتبرة للدول (هاشم حريري ، 2008).
وتتجلي أهمية البحث العلمي فى الحياة الإنسانية فى كونه عاملاً أساسياً فى الإرتقاء بمستوي الإنسان فكريا، وثقافيا ، واجتماعياً، وحضارياً ؛ لتتحقق فيه أهلية الإستخلاف فى الأرض، ذلك الإستخلاف الذي شرف الله به الإنسان دون غيره من المخلوقات. فهو يفيد الإنسان فى تصحيح عقيدته نحو خالقه؛ ومن ثم فهم وتعليل كل ما يحيط به من آيات الله فى الكون، والتنبؤ بها عن طريق الوصول إلى القوانين العامة، وتقصي الحقائق ، والتفسير النقدي للآراء والمذاهب الفكرية؛ ومن ثم تذليل ما يواجهه من صعوبات فى حياته؛ كالأمراض ، والأوبئة ، والفقر ؛ لإيجاد أفضل الحلول للتغلب على المشكلات المعاصرة؛ مثل: الماء ، والنقل ، والبيئة ، والإنتاج ، والتنمية ، والتسويق ، والفن ... الخ.وتتحلي أهمية البحث العلمي أكثر فى هذا العصر المتسارع ، الذى يرفع فيه شعار البقاء للأقوي والأصلح. فهو الذى يحرك النظام العالمي الجديد ؛ حيث أصبح العالم فى سباق محموم ، للوصول إلى أكبر قدر ممكن من التقنية والمعرفة الدقيقة المثمرة ، التى تكفل الراحة والرفاهية للشعوب، ولا يختلف اثنان على أهمية البحث العلمي فى ارتياد مجالات الإبداع والفن والتميز لدي الأفراد والشعوب مهما تعددت واختلفت ثقافاتها. وتبدو أهميته بشكل أوضح فى الإرتقاء بالوطن العربي، وردم الفجوة العلمية والثقافية بين دولة وبين العالم المتقدم (عفت خوقير 2008).
والبحث العلمي هو ذلك الجزء الفاعل والمبدع فى العمل الجامعي ، فهو الذى يعمل على تنمية المعرفة ، وإثرار الفنون الإنتاجية ، وتطوير أساليب الإنتاج، وتدعيم التراث العلمي والحضاري للإنسانية. وهو الذي يمهد الطريق لعملية التطور والتقدم فى شتي المجالات الإقتصادية والإجتماعية والحضارية. وإذا توقف البحث العلمي، أصيبت جميع جوانب الحياة بالجمود والتصلب ، وعجزت المجتمعات عن تحقيق أى تطور أو تقدم. (الإدارة العامة لشئون أعضاء هيئة التدريس والطالبات ،  1998).
أن الإلتزام المبدئي المسبق بالأخذ بأسلوب البحث العلمي لمعالجة المشكلات الحياتية التى تعترض مسيرة الشعوب نابع من كون البحث العلمي لم يعد رفاهية أكاديمية تمارسه مجموعة من الباحثين القابعين فى أبراج عاجية ، بقدر كونه ضرورة حياتية تتطلبها حركة التنمية التقنية.
ومما لا شك فيه أن أحد الأهداف الرئيسية للبحث العلمي يتمثل فى حل المشاكل بصيغ لا تقبل التجربة بالخطأ والصواب ، أى بحلول تعتمد مباشرة لتصميمها موضوعياً للمشاكل التى نحن بصددها ، الأمر الذى يؤدي في الأحوال العادية إلى التغلب على صعوبات الحياة ، ومن ثم تحسينها فردياً وأسرياً واجتماعياً للأفضل. وعندما يقضي البحث العلمي على المشاكل جزئياً أو كليا فإن يوفر لدي الأفراد والأسر والجماعات مزيداً من الوقت للتأمل والإبتكار ، فلا تستمر رسالتهم اليومية والكفاح لأجل البقاء وتوفير الأساسات البديهية ، بل تتحول لأفضليات أخري أعلى وأكثر قيمة فهذا البقاء تتمثل – عموما – فى تقدم الإنسان وتفوقه الحضاري.
إن اعتياد الأفراد والأسر والمؤسسات الإجتماعية – عموما – على أسلوب البحث العلمي ، والتدرب عليه ، ثم اعتيادهم لمنهجه المنطقي المدروس فى تعاملاتهم وتنفيذ مسئولياتهم اليومية ويطور لديهم الفكر الموضوعي الناقد ، ويرفع من مردودهم السلوكي نوعا وكما ، ويزيد من نسبة النجاح التى يتوخونها بهذه المسئوليات. فلا تزدهر فقط بهذا حياتهم وطموحاتهم ، بل تتفوق أهدافهم بقدراتهم ، إدراكاًَ وعاطفة ، وحركة. (محمد حمدان ، 1989).
وأضاف : إنه إذا كان الإقتصاد هو شريان الحياة للمجتمعات الإنسانية المعاصرة ، فإن البحث العلمي بمختلف أنماطه هو مادة هذا الشريان ؛ لضمان استمرارية الإزدهار الإقتصادي ، فقد يكون من المتفق عليه عالمياً. أن العائد الإقتصادي يشمل كلاً من المدي القريب والمتوسط ، والمدي البعيد والإستراتيجي الذى يتحقق بعد حين) ويتمثل تحقيق الوصول إلى العائد الإقتصادي العاجل فى اشباع حاجات المجتمع، وإغنائه بالموارد المادية – أياً كان مصدر الحصول عليها ، والكيفية التى توافرت بها -. أما العائد الإقتصادي الإستراتيجي – وهو الاهم – فيتمثل فى إغناء المجتمع بالقدرة الذاتية على إيجاد مصادر للثروة وتنميتها ، واستغلالها بالأسلوب الأمثل؛ لتحقيق إشباع حاجات المجتمع المادية. وهذا لا يتحقق إلا من خلال إشراك الجزء الأهم من أفراد المجتمع فى عملية توليد الثروة ، بما فى ذلك من ضرورة خضوعهم لعملية تغيير شاملة ، تتناول إحداث نقلة نوعية فى سلوكياتهم، وطريقة تعاملهم مع متطلبات الحياة المعاصرة ، وأسباب البقاء فى عالم ملئ بالصراعات المختلفة والتنافس الشديد. وهذا لا يتحقق إلا بإمكان المساهمة الفعالة للبحث العلمي بأنواعه المتنوعة فى إحداث هذا التغيير المنشود ؛ حيث أثبتت نتائج دراسات علماء الإقتصاد أن تأثير رأس المال البشري – أى القدرة على حشد الكفاءات العلمية ، والقدرة على تسخير البحث العلمي من خلال تطبيقاته التقنية فى التنمية – يفوق بدرجات كبيرة تأثير رأس المال.

siege auto

0 التعليقات

إرسال تعليق